السبت، 14 يناير 2017

نظرية الذات في المداولات الإشرافية

تقوم فلسفة نظرية الذات على الإيمان بأهمية الفرد مهما كانت مشكلاته ، فلديه عناصر جيدة تساعده على حل مشكلاته ، وتقرير مصيره بنفسه ، ولذا فإن الفلسفة الأساسية لهذه النظرية هي احترام الفرد وأهليته ، والعمل على توجيه الذات توجيهاً صحيحاً ليكون جديراً بالاحترام .

مؤسس نظرية الذات هو كارل روجرز ، حيث اعتبرت نظريته هذه من النظريات المهمة في الإرشاد والعلاج ، وقد اعتبرت من النظريات المتمركزة حول المسترشد ، وقد سميت هذه النظرية بأسماء متعددة مثل : النظرية اللامباشرة ، النظرية الشخصية .
كما أن من الأساليب الإشرافية الشائعة أسلوب المداولات الإشرافية ، وتسمى المقابلات الفردية ، وهي عبارة عن كل ما يدور من مناقشات أو مشاورات بين المشرف التربوي والمعلم حول بعض المسائل المتعلقة بالأمور التربوية العامة ، أو أساليب التعليم أو مشكلات تعليمية أو ملحوظات تتصل بكفايات المعلم العلمية أو المهنية ، وتهدف المداولات الإشرافية عادة إلى التعرف على اتجاه المعلم نحو مهنته، والوقوف على آماله وميوله ، وكل ما يؤثر في عمله أو يعوق نموه ، ومساعدة المعلمين على معرفة ما لديهم من مواهب ، وكفايات ، وقدرات ، والتوصل إلى أفضل السبل لاستثمارها على الوجه الأكمل ، وتقدير العاملين والتعبير عن شكرهم ومكافأتهم بالتركيز على الأعمال البناءة والجوانب المشرقة والجهود الموفقة ، وتبادل الآراء والأفكار والخبرات ، ذلك أن المشرف يأخذ بقدر ما يعطي ، ويشارك غيره الرأي ، ويسهم في إيجاد جو من المحبة وحسن الاستعداد لدى المعلم لقبول ما يقترحه .
تمر المداولة الإشرافية باستخدام نظرية الذات خاصة في المشكلات العلمية والمهنية التي تواجه المعلم بسبع مراحل وهي كما يلي :
المرحلة الأولى : حيث يأتي المعلم إلى جلسة المداولة الإشرافية باستعداد ضعيف للتفاعل مع المشرف ومن مظاهر ذلك عدم وجود الرغبة لديه فيي التحدث بحيث ينصب حديثه على الموضوعات الخارجية عن نفسه ، كما لا يكون مدركا لمعنى بعض المفاهيم كالمشاعر والجوانب الشخصية ، فالمعلم هنا يفشل في التعرف على مشكلته والحديث عنها ، بل لا يكون راغباً في إحداث التغيير والنمو في شخصيته .
المرحلة الثانية : يكون المعلم لا مبالياً ولكنه أكثر انفتاحاً للمداولة الإشرافية من المرحلة السابقة فهو يبدأ بمناقشة بعض الموضوعات الخارجيةة مبتعداً عن الحديث عن إطاره المرجعي فليس لديه إحساس بالمسؤولية الشخصية في المواقف التي يتحدث عنها ، ولا يأتي على ذكر نوعية مشاعره الحالية وغن كانت تبدو عليه آثار بعض المشاعر كالغضب مثلاً ، وفي حال ذكر بعض المشاعر فانه يتطرق إلى مشاعره الماضية .
المرحلة الثالثة : تبدو قدرة المعلم على الحديث في هذه المرحلة أكثر وضوحاً ولكنه يتحدث وكأنه الضحية لتلك الخبرات والإحداث وليس له دور فيي حدوثها ، كما أن إدراكه لذاته ما زال ضعيفاً وخاصة حول رؤية الآخرين له ، كما أنه يستمر في الحديث عن المشاعر السابقة مع إنكار لمشاعره الحالية ، وفي هذه المرحلة يبدأ بالتعرف على عوامل بناء شخصيته ، لكنه لا يزال يفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار ، كما لا يزال يشعر بالإحباط نتيجة العوائق التي لا تساعده على اتخاذ القرارات الفعالة .
المرحلة الرابعة : تتميز  بظهور بعض ملامح الذات لدى المعلم ويبدأ في التمييز بين مشاعره والإحساس ببعض المسؤولية تجاه موضوع مشكلته ، فهوو أشبه ما يكون بالشخص الذي يبدأ السباحة عن طريق لمس الماء لمعرفة درجة حرارته ، فهو لا يزال خائفاً من الخوض في المداولة الإشرافية محاولاً التأكد من مدى تأثيرها عليه .
المرحلة الخامسة : يبدأ في تحديد مشاعره الخاصة به ، وتحديد خبراته ولكن بصورة غير واضحة ، كما يبدأ الميل بالاعتراف بمسئوليته تجاه الأحداثث الخاصة به ، ويزداد قبوله لهذه المسؤولية وبهذا يكون إحساسه بالمشاعر وإدراكه لذاته أفضل .
المرحلة السادسة : توصف بأنها مرحلة إدراك المشاعر ، فالمعلم يدرك مشاعره وخبراته الراهنة ، ويتحدث عنها بموضوعية ، ويحدد علاقتهه ومسؤوليته بها ، وتظهر آثار انفعالاته في أثناء حديثه ، حيث يحدث التطابق هنا وتكون الذات وخبراتها هي محور الحديث ، وفي هذه المرحلة تكون المهمة أقل صعوبة مع هذه الفئة من المعلمين ، أو حين يصل المعلم إلى هذه المرحلة .
المرحلة السابعة : يكتسب المعلم في هذه المرحلة مجموعة من المشاعر الجديدة ، ويتقبل التغييرات التي طرأت على مشاعره السابقة التي كانت سبباً فيي مشكلته ، كما يشعر بالثقة والسعادة تجاه المداولة الإشرافية ، ويزداد ارتباط الذات بعالم الخبرة ، وتقويم الخبرة بصورة أكثر فعالية ، وإحداث التغيير اللازم فيها من اجل التوافق السليم .
تجدر الإشارة إلى أمرين مهمين :
الأول : لا يشترط عادة أن تبدأ مراحل المداولة الإشرافية من المرحلة الأولى فقد تكون العلاقة بين المشرف والمعلم تجاوزت مراحل معينة فقد تبدأ المداولة الإشرافية من مراحل متقدمة بحسب العلاقة بينهما وطبيعة المعلم ورؤيته لدور المشرف .
الثاني : إذا كان الحديث في هذه المقالة تناول المعلم فهو أيضاً يتناول جميع شاغلي الوظائف التعليمية في العلاقة بينهم وبين من يشرف عليهم .
في النهاية ، المحور الأساسي وفق هذا النظرية هو أن سلوك الفرد لا يمكن فهمه إلا من خلال وجهة نظره هو ،  وكيفية إدراكه لنفسه وللعالم من حوله كما أن التغيير المطلوب إحداثه في سلوكه لا يمكن أن يتم ما لم يكن راضياً ومستعداً ، وبهذا يكون دور المشرف مقتصراً على إيجاد المناخ الجيد الذي يساعد على فهم المعلم ، وطريقة تفكيره والتأكد من مشاعره ، عاكساً هذه المشاعر والأفكار وموضحاً لها لكي يتمكن المعلم من رؤيتها جيداً وتقويمها وتعديلها ، أو تغييرها وتوجيه نفسه نحو سلوك أكثر توافقاً وأكثر تحقيقاً للذات .
دمتم بود ..
أ . محمد علي النصار - مشرف التوجيه والإرشاد - إدارة التعليم بمحافظة عنيزة .

m_a_nassar@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق