لقد كان الاتصال وسيظل النشاط الأهم في حياة الإنسان والذي من خلاله يتفاعل
مع الآخرين ويعبر عن أفكاره وحاجاته ومشاعره ويعبر عن شخصيته ، ولقد جاءت نظرية
التحليل التبادلي كإحدى نظريات الإرشاد النفسي والتي ركزت على مفهوم الاستجابة و
الانفعال النفسي وتحليل شخصية الإنسان ومن تلك نظرية التحليل التعاملي التي سوف نتطرق إليها و
إلى نموذجها في هذا البحث المختصر
مقدمة :
تنسب هذه النظرية إلى إيرك بيرن وهو طبيب نفسي أمريكي الجنسية ذو اهتمام
خاص بالتحليل النفسي وقد بدأت فكرة النظرية في مجال عملي بعيد عن التنظير حيث كان
يختبر حسه الإكلينيكي في معرفة مهنة المجند القادم للاستشارة وإذا به يكتشف هذه
القدرة المميزة ، ثم يكتشف كيف يمكن تدريبها عملياً وبنظام محدد ، ثم يكتشف من
خلالها التكوين التركيبي للنفس الإنسانية من عدة حالات وليس من عدة أجزاء مكونة
لما هو ذات واحدة .
النظرة إلى الإنسان
يلخص بيرن وجهة نظره في الإنسان حيث يشير إلى
أن الأطفال يولدون منعمين ويظلون كذلك إلى أن يحولهم آباؤهم إلى صور ضعيفة ،
(أمراء يحولون إلى ضفادع) وبذلك يفترض
أيضاً أن الناس بطبيعتهم قادرون على أن يحيوا حياة حرة يوجهون فيها أمورهم بأنفسهم
، كما أنه يفترض أيضاً أن خبرات الماضي وخاصة أثناء المرحلة المبكرة في النمو تؤثر
على السلوك الموجود في الحاضر حيث يكون للأبوين في تلك المرحلة دور هام في حياة
الطفل ، كما أنه يرى أيضاً أن كل فرد مسئول تماماً عن القرارات المتصلة بحياته
الشخصية (الشناوي ، 345) ويشير الخطيب (2009 ، 355) إلى أن هذه النظرية تعد
الإنسان إيجابي وأنه غير مقيد بسلوكه وقادر على التغلب على التحديات والظروف التي
تعيقه وترى أن الناس الذين لديهم مشكلات انفعالية هم بشر أذكياء وقادرون وأنه مهما
كانت مشكلاتهم ومعاناتهم فإنه يمكن مساعدتهم في التخلص منها بشكل كامل .
الحاجات الرئيسية (الجوع
والاشتهاء المثير)
يقسم ملحم (2010 ، 143) الجوع إلى ثلاثة أنواع
:
1) جوع الملامسة : ويراد بها الحاجة إلى الملامسة البدنية اللصيقة والعطف ،
والقصور والحرمان من هذه الملامسة للصغير قد تؤدي إلى سرعة الإصابة بالمرض ثم إلى
الموت وتسمى هذه الحالة بالهوسبيتاليزم ، وهذه الحاجة تستمر مدى الحياة ، لكنه
يتعلم منذ الطفولة المبكرة أنه لا يستطيع أن ينال كل ما يريد ، لذا يبدأ بالبحث عن
حلول وسط فيتقبل اشكالاً أخرى من التواصل غير البدني .
2) جوع الانتباه والاعتبار : ويتضمن مجرد الاعتراف بوجوده من جانب الآخرين ،
ويتضمن الملامسة اللفظية أو التواصل اللفظي .
3) جوع الإنشاء والتنظيم : وهي الحاجة إلى تنظيم وشغل الوقت من أجل تجنب السأم
والملل .
ويضيف إلى ذلك الخطيب (2009 ، 356) وأبو أسعد (2009 ، 358) ما يسمى بجوع
الوقف أو المركز والموقع : وهي الحاجة إلى اتخاذ قرارات جوهرية حول الحياة ، وان
نكون على علم هل نحن بخير أم لسنا بخير ؟
بناء الشخصية
يشتمل
تركيب الشخصية على نظام ثلاثي للأنا ، وكل حالة أنا هي نسق نفسي منظم من المشاعر
والأفكار والسلوك .
1) الأنا الوالد ( The Parent Ego
State ) :
تشتق حالة الأنا الوالد كما يشير إلى ذلك ملحم (2010، 144) ، والشناوي
(ص347) من النفس الخارجية والتي تنطوي على الأنشطة القائمة على التقمص وعلى أنشطة
معرّفة ، فكل الأفراد لديهم آباء يؤثرون من خلال الوظيفة النفسية الخارجية في
سلوكهم ويطلق على هذا السلوك المتأثر بالآباء سلوك الوالد ، وهو يوضح أن الأفراد
في حالة عقلية تم عرضها بواسطة أحد آباءهم في الماضي وأنهم يستجيبون بنفس الطريقة
والوقفة والوضع والمزاج والحركات التعبيرية والتعبيرات اللفظية والمشاعر ، وبمعنى
آخر (أن كل فرد يحمل أبويه داخل نفسه).
يرى مصطفى (2012 ، 220) أن حالة (الأنا الوالد) تظهر في شكل صفات والدية
سواءً كانت :
· صفات الرعاية والمحبة والهدهدة وتقبل الاعتماد عليه .
· صفات القمع والعقاب وإملاء القواعد القاطعة .
كما أنه يرى أن التعرف على هذه الحالة يتم من
خلال اكتشاف هذا السلوك بشكل غالب على الشخص في موقف بذاته كما يتم بالحدس
الإكلينيكي لفاحص مدرّب .
2) الأنا الراشد ( The Adult Ego
State ) :
يشير ملحم ( 2010 ، 145) ، والشناوي (ص 348)
إلى أن حالة الأنا الراشد تمثل الأداء
النفسي الداخلي ، فهي تركز على تشغيل البيانات وتقدير الاحتمالات واتخاذ القرارات
، وهي تنظم حالة الأنا الوالدية والحالة الطفلية وتتوسط بينهما ، ويمكن للفرد من
خلالها أن يخبر عن الفرق بين الحياة كما تعلمها وكما عرت له (من خلال الوالد) وبين
الحياة كما أحس بها أو رغبها أو حتى تخيلها (الطفل) والحياة كما يتصورها بالنسبة
لنفسه ، وهي تنمو بشكل تدريجي من خلال الملامسات والاختبارات التي يقوم بها الفرد
مع الواقع والبيئة ، وتكون عملية الاختبار مركزة على الحقائق وليس على المشاعر على
عكس ما يحث في حالة الأب والطفل ، كذلك يختلف الراشد عن الحالتين كونه يستمر في
جمع المعلومات وتحديث المخزون لديه منها بينما يبقى مخزون الأب والطفل ثابتاً تقريباً
بعد سن السادسة من العمر .
ويشير الخطيب (2009 ، 356) إلى أن بيرن يطلق
على حالة الراشد كمبيوتر الشخصية وأنها تهتم بتحويل الدوافع إلى معلومات ثم
تصنيفها وترتيبها على أساس الخبرة السابقة .
ويضرب مصطفى (2012 ، 221) مثالاً على الأنا
الراشد بشراء السيارة فعندما يقول : أنا أريد قيادة هذه السيارة (الأنا الطفل) ، ولكن هذه الرغبة ممنوعة لأنني
لا أملك هذه السيارة (الأنا الوالد) ولكن بإمكاني مراجعة ميزانيتي ثم أتقدم
لشرائها (الأنا الراشد) ، وعلى هذا فالأنا الراشد أمامه ثلاث خيارات :
· أن يطيع الأنا الطفل : فيصبح عبداً لرغباته .
· أن بطيع الأنا الوالد : فيصاب بالقلق والاكتئاب والوسواس حيث أن الوالد لا
يرضى أبداً .
· أن يستحدث لنفسه رأياً ثالثاً مستقلاً وهذه قمة الرشد والنضج .
3) الأنا الطفل ( The Child Ego
State ) :
يشير ملحم (2010 ، 145) إلى أن كل راشد كان طفلاً من قبل ، ومخلفات الطفولة
وذكرياتها تظل إلى نهاية الحياة ، وعلى الطفل يقع تأثير الكف والكبح أو التسامح أو
الاستفزاز للأب وهي مستقلة عن الأب وغير منسجمة معه ولكن ليس بالضروري أن يكون
معارضاً معه ، كما أن الشناوي (349) يؤكد على أن حالة الطفل تتكون من كل المشاعر
وطرق السلوك التي مارسها الفرد خلال السنوات الأولى من طفولته ، وعندما يتصرف
الناس كما يفعل الأطفال كالقفز واللعب والصياح فإننا نقول أنهم يتصرفون من واقع
حالة الأنا الطفلية ، كما أنه يشير إلى أن بيرن يرى أنه من المهم لكل فرد أن يفهم
حالة الطفل بداخله ليس فقط لأنه سيستمر معه طوال حياته ، وإنما لأنه أكبر جوانب
الشخصية قيمة .
يشير الخطيب (2009 ، 357) وأبو أسعد (2009 ، 356) إلى أن حالة الأنا الطفل
لها عدة أشكال وهي :
· الطفل الطبيعي أو الحر والعفوي غير المدرب الذي يعمل من أجل الحرية التامة
في عمل ما يريد .
· الطفل المتكيف المطيع والمؤدب الذي يخضع لتأثيرات الأب ويعمل تحت مراقبة
الوالدين ويعمل دائماً على إرضائهما .
· الطفل الرافض أو الثائر على الضبط
الأبوي والمتمرد عليه والذي يقاوم التعليمات.
مواقف الحياة الأربع
يشير ملحم (2007 ، 146) والشناوي
(ص 350 ، 351) إلى أن المواقف الأربع تنطوي على قطبين رئيسيين هما :
أ) أنا في مقابل الآخرين ( I –
Others )
ب) بخير ، لست بخير ( Ok – Not Ok )
وينتج عن ذلك مواقف أربعة هي :
1) أنا بخير : أنت بخير ( I am Ok – You
are Ok ) . يسمى وضع النجاح الصحي
2) أنا بخير : أنت لست بخير ( I am Ok –
You are not Ok ) .
يسمى وضع الاستياء وعدم التقبل وهو ما يميز على
سبيل المثال المصلحين الاجتماعيين الذين يشعرون بالمرارة إزاء سلوك الآخرين وهو
يعني الرغبة في التخلص من الناس ، أما لدى المرضى فإنه قد يؤدي إلى القتل أو إلى
حالات البارانويا ، ويشير الخطيب (2009 ، 358) إلى أن هذا الموقف يمثل الغطرسة
والتكبر في نفس صاحبه .
3) أنا لست بخير : أنت بخير ( I am not
Ok – You are Ok ) .
يسمى وضع الاكتئاب الذي يؤدي بالفرد إلى قطع
نفسه عن الناس بطريقة ما ، كأن يدخل إلى مصحة عقلية أو أن يتخلص من حياته
بالانتحار ، وفي لغة تحليل التعاملات فإن هذا الوضع يمثل وضع الاستقالة من جنس
البشر ، ويشير الخطيب (2009 ، 357) إلى أن صاحب هذا الموقف يشعر بأنه مكتئب وحزين
ومعزول اجتماعياً .
4) أنا لست بخير : أنت لست بخير ( I am not Ok – You are not Ok )
.
يسمى موقف العبث أو اللاجدوى و اللافائدة و
الفصام وهو يؤدي في النهاية إلى الانتحار المرتبط بالإغاطة ، ويرى بيرن أن هذا
الانتحار ينتج عن نقص الاحتكاكات الاجتماعية في الطفولة مما يؤدي إلى الاكتئاب
واليأس ، ويشير الخطيب (2009 ، 358) إلى أن صاحب هذا الموقف متشائم ولا يجد قيمة
للحياة .
يشير مصطفى (2012 ، 224) إلى أن بيرن يرى أن
الأوضاع الثلاث الأولى تتم في اللاشعور وتعتمد على المشاعر والأحاسيس بينما الوضع
الرابع يتم في حيز الشعور ويعتمد على التفكير والثقة بالذات ، والأوضاع الثلاث
الأول تعتمد على طرح الذات للسؤال (لماذا؟) على حين الوضع الرابع يتعلق بطرح
السؤال (لما لا يكون) .
السلوك غير السوي
يرى بيرن أن السلوك غير السوي كما يشير الخطيب
(2009 ، 359) يظهر نتيجة اضطراب حالة الأنا ويحدث هذا الاضطراب حينما يتذبذب الفرد
بين حالات الأنا دون إكمال التعامل معها ونتيجة لهذا الاضطراب تظهر مشكلتان
أساسيتان هما:
1) عدم النفاذ : يحدث هذا الاعتراض عندما يكون هناك طاقة زائدة جداً في الأنا
الوالد أو الأنا الطفل أو بهما معاً وتكون الحدود بين حالات الأنا صلبة وغير نافذة
لمعالجة هذه الطاقة ، وهذا الاعتراض يؤدي إلى موقف مفكك يشعر الأفراد بالبعد عن
أنفسهم وعدم التحكم بها وأنهم غريبو الأطوار ويتصرفون بشكل غير مناسب .
2) التشوش : أن ينتقل من حالة إلى أخرى في نفس الموقف .
3) التلوث : تداخل حالة في حالة أخرى كتداخل الأنا الراشدة مع نقد الوالدين .
4) الإقصاء : تسيطر حالة من حالات الأنا وتمنع الحالات الأخرى مثل أن تسود
حالة أنا الوالد .
5) الألعاب : ربما ينجم السلوك عن الألعاب التي يلعبها الناس واستخدم بيرن
فكرة الألعاب لأنها توحي بفكرة النزاع والخلاف والنضال وتشتمل على لاعبين وأنظمة
للألعاب والحركات .
عملية الإرشاد
يشير الخطيب (2009 ، 361) ، والشناوي (ص361)
إلى أن عملية الإرشاد تقوم على جانبين رئيسيين هما :
1) إعادة الهيكلة (البناء) : وتتضمن حدود الأنا وتوضيحها من خلال عمليات التنقية
والتخلص من التشوش تشخيصياً .
2) إعادة التنظيم : وتهتم بإعادة
توزيع النشاط النفسي باستخدام التنشيط المخطط والانتقائي لحالات معينة من الأنا بطرق
خاصة لإعادة سيطرة الأنا الراشدة من خلال الضبط الاجتماعي ، وتشتمل إعادة التنظيم
على إعادة أقلمة حالة الأنا الطفل وتصحيح أو استبدال الأنا الوالد ، ويعقب هذه
المرحلة الدينامية لإعادة التنظيم مرحلة تحليلية ثانية كمحاولة لتحرير الأنا الطفل
من الخلط .
كما يشير الشناوي (ص362 ) والخطيب (2009 ، 360) وأبو أسعد (2009 ، 361) إلى
أن الخطوات المستخدمة في العملية العلاجية هي :
1) التحليل البنائي :
يتكون من الدراسة الوصفية لحالات الأنا ويهدف
إلى إعادة تكوين السيطرة لحالة الأنا المختبرة للواقع (الأنا الراشد) وتحريرها من
التشوش من جانب العناصر القديمة والغريبة للأنا الطفل والأنا الوالد ، وفي هذه
الخطوة يصبح المسترشد واعياً بحالات الأنا والتشوش والتلوث والإقصاء وقد يستخدم
المرشد أسئلة مثل : أي حالة أنت فيها ؟ أي جزء منك يتحدث الآن ؟ .
2) تحليل التفاعل :
تهدف هذه الخطوة إلى الضبط الاجتماعي الذي
يمارسه الفرد على نزوعه الشخصي لاستغلال الآخرين بطريقة مدمرة ومضيعة للوقت ،
ونزوعه للاستجابة بدون استبصار أو اختبار لتحكمات الآخرين فيه ، ويتم تحليل
التفاعلات على أساس كونها تكميلية (مجاملة) أو تصادمية (تقاطعية) وأثر ذلك على
المشتركين فيها ، ويتم في هذه الخطوة تعليم المسترشد أشكال التفاعلات المختلفة وهي
:
-التفاعل التكاملي : تأتي الاستجابة من حالة
الأنا التي وجهت إليها الرسالة وتعاد إلى نفس حالة الأنا التي أرسلت الرسالة .
مثال : الأخت تسأل أخيها عن الوقت (أنا الراشد)
، فيجيبها بأنها الساعة الثالثة ظهراً (أنا الراشد).
-التفاعل المتقاطع : توجه الرسالة إلى حالة أنا
وتأتي الاستجابة من حالة أنا أخرى .
مثال : الأخت تسأل أخيها عن الوقت (أنا الراشد)
، فيجيبها بأنها تزعجه دائماً بأسئلتها وطلباتها (أنا الطفل) ، أو يجيبها بأن من
الواجب عليها أن تنظر إلى ساعتها وأن لا تسأل الآخرين (أنا الوالد).
-التفاعل الخفي : يحاول الفرد إظهار عكس ما
يخفي من خلال رسالة محكية تحمل في طياتها رسالة نفسية ، بمعنى أن يكون الاتصال على
مستويين : رسالة ظاهرة وهي المحكية (المنطوقة) ورسالة نفسية (مخفية) .
مثال : الأب يخاطب ابنته هل ترغبين بالذهاب
للحديقة أو لديك واجبات مدرسية يجب أن تنجز ، فالرسالة المخفية من الأب هنا هي
جلوس البنت في البيت وإنهاء الواجبات المدرسية .
3) تحليل الألعاب :
يجري تحليل التفاعلات الممتدة في صورة ألعاب
وهو يمثل المرحلة الولى في العلاج الجمعي ، وهي تساعد في تناول الآخرين أو تحريكهم
، واللاعب مطالب بعرض هذه المشاعر ، وبأن يقوم بأعمال رئيسية ذات صلة بدوره على
مسرح الحياة من غير معاناة الشعور بالذنب ، وقد قام بيرن بتحليل العديد من الألعاب
التفاعلية وصنفها في أكثر من مئة لعبة ومن أشهر هذه الألعاب لعبة (لماذا أنت لا -
نعم لكن) وتلعب على نحو يوضحه المثال التالي :
س : زوجي يصر دائماً على إصلاح ما يتعطل في البيت ، لكنه لم يصلح أياً منها
على الإطلاق .
ص : لماذا لم يأخذ دروساً في النجارة ؟
س : نعم ، لكنه لا يوجد لديه وقت .
ص : لماذا لم تشتر له أدوات جيدة لاستعمالها ؟
س : نعم ، لكنه لا يعرف كيف يستعملها .
ص : لماذا لم يقم نجار بإصلاح بنايتكم ؟
س : نعم لكن ذلك يكلف كثيراً .
ص : لماذا تقبلين الطريقة التي يصلح بها الأشياء ؟
س : نعم ، ولكن جميع الشياء يمكن ان تسقط إذا لم يقم بإصلاحها .
واللاعب الجيد لهذه اللعبة يمكنه أن يرهق الآخرين ، ولذلك فهم ينسحبون من
اللعبة .
4) تحليل المخططات :
يهدف إلى استظهار القرارات التي اتخذها الأفراد
حول أوضاعهم في الحياة (الأوضاع الأربع) ، وهذه القرارات التي تتخذ من مرحلة
الطفولة والأدوار والآثار المترتبة عليها يمكن أن تكتشف باستخدام أساليب مثل قائمة
المخطط .
الهدف من تحليل المخططات إعطاء المسترشدين
الفرصة ليفهموا أوضاع حياتهم وليتخذوا قرارات جديدة خاصة بأنفسهم ، وإعادة اتخاذ
القرارات سوف يجعلهم يتحركون نحو الاستقلالية والتي تتميز بالوعي والتلقائية والود
.
5) تحليل العلاقات :
هذا النوع من التحليل يجري عادة في العمل مع
الأسرة حيث يتناول العلاقة بين الزوجين ، وكذلك في مجال العلاقات الوثيقة ، ويجري
بحرص حيث قد ينظر المسترشد إليه على أنه تأثر على قراراته الخاصة .
هذه الخطوات الخمس هي طرق تساعد المسترشدين على
اكتساب الاستبصار الانفعالي والذهني ، وتبنى مفاهيم ولغة تحليل التعاملات بشكل
يعطي المسترشدين أداة معرفية يمكن استخدامها في ملاحظة الذات وتفهمها ويكون الدور
الرئيس للمرشد أن يعلم المسترشدين المهارات التحليلية اللازمة بجمع المعلومات
وتقويمها واتخاذ قراراتهم بعقلانية .
التطبيقات والأساليب الفنية :
يرى بيرن أن هناك ثلاث شعارات يجب على المرشد
ان يرفعها :
1) أن لا يلحق أي ضرر بالمسترشد وأن يكون التدخل فقط عندما يكون ضرورياً
وبالقدر اللازم .
2) الكائن لديه حافز داخلي يدفعه إلى الصحة وتكون وظيفة المرشد والمعالج إزالة
الحواجز والعوائق .
3) المعالج يعالج مريضه ولكن الله هو الذي يشفي المريض وعلى المعالج أن يقدم
أفضل علاج مكن وأن يتجنب الإضرار أو إيذاء المريض .
ويشير الشناوي (ص 366) وأبو أسعد (2009 ، 365) والخطيب (2009 ، 365) إلى أن
الفنيات المستخدمة في عملية الإرشاد كما يلي :
1) التعاقد : اتفاق بين الطرفين يحدد
الأهداف والمراحل والمواقف الإرشادية .
2) التساؤل : يستخدم لتوثيق بعض النقاط
الهامة وينبغي استخدامها عندما يكون المرشد واثقاً من أن حالة الأنا الراشد لدى
المسترشد ستستجيب .
3) التحديد : تستخدم لتثبيت بعض الأشياء
في ذهن المسترشد من خلال عكس ما قاله ، وتستخدم لحمايته من إنكار ذلك .
4) المواجهة : الإشار إلى عدم
الاتساق في سلوك وألفاظ المسترشد .
5) التفسير : تستخدم لتقوية حالة الأنا
الراشد وتخليصها من التشويش وإعادة توجيهها .
6) البلورة : تقرير عن موقف المسترشد
صادرة من حالة الأنا الراشد للمرشد إلى حالة الأنا الراشد للمسترشد وفي الواقع
فإنها تقول للمسترشد أن بإمكانه أن يوقف الألعاب وأن يكون طبيعياً في أداءه إذا أراد
ذلك .
7) دراما مثلث كاربمان : حيث يلعب
الأفراد جميع الأدوار (المضطهد ، الضحية ، المنقذ) .
نقد النظرية وبعض مميزاتها:
لابد ونحن نختم الحديث عن هذه النظرية أن نشير
إلى بعض المآخذ التي أشار إليها مصطفى (2012 ، 244) والتي يمكن أن تؤخذ
عليها، وما تميزت به من معالم أضافت إلى المعرفة المتعمقة عن
النفس البشرية :
مآخذ ومحاذير :
1) البساطة وخطورة سرعة الانتشار وسوء الاستعمال:
تبدو هذه النظرية شديدة البساطة برغم عمقها
المتناهي، ويلام اريك بيرن فى ذلك جزئيا فقد لجأ إلى مخاطبة
الشخص العادى مباشرة أكثر من المحافل العلمية.
2) شرعية التعدد وتسهيل الانشطار:
وعلى ذلك فقد أساء استعمالها العامة حتى كاد
التعدد يعفى الواحد من مسئوليته نتيجة لأن حالة ذات
هي التي فعلت كذا وليس أنا ، وبالتالي فان أفعال الإرادة
والتكامل فى واحد لم تعد واضحة في أذهان التبريريين مما يفتح
الأبواب لنوع من التلاعب القدري بشكل أو بآخر.
3) العلاج اللفظي التعليمي :
اتجه اريك بيرن في تطبيقه لهذه النظرية إلى
طريقة المدرس معتمداً على التفسير على سبورة وشرح التفاعلات حتى
انقلبت المسألة إلى فصل للتدريس وليس بصيرة للمواجهة.
4) ترجيح أحد الذوات على غيرها:
قد يبدو للدارس السطحي أو الممارس المبتدئ أن
الذات الطفلية أولى بالتدريب والرعاية في المجال العلاجي مما قد
يشجع النكوص دون التكيف مع خطورة إنتاج أنواع محورة من
اضطرابات الشخصية باعتبارها شخصيات متكاملة.
المميزات الخاصة:
هذه النظرية تمثل المباشرة والبساطة وسهولة
التطبيق وبساطة التدريب من خلال مفاهيمها، وفى الوقت الذي حددت
فيه تركيب الشخصية بشكل معين في حالات السواد فإنها أشارت إلى
تشريحات ممكنة وآنية تجاه كل مرض من الأمراض، كما أسهمت في إعطاء
مفاتيح تشخيصية لحالات الأنا إذ تظهر في المجال السلوكي ووجهت
الممارسين إلى ضرورة تدريب الحدس الإكلينيكي الذي يكمل التشخيص
السلوكي، وكأنها بذلك قد أعطت بعدا تشخيصيا تركيبيا يكمل
التشخيص التقسيمي الشائع إلى زملات مرضية معينة، وهذا البعد
التشخيصي له فائدة علاجية مباشرة في مجال العلاج النفسي، وكذلك
فى مجال العلاج العضوي حيث بدأت محاولات لفهم العلاجات العضوية
باعتبارها فاعلة على مستويات انتقائية مختلفة مما قد يسهل مهمة
المعالج في إنارة هذا المستوى (حالة الأنا) وتثبيط ذلك.
-------------------------------------------------------------------------
المراجع :
-
أبو أسعد ، أحمد (2009 م) نظريات
التوجيه والإرشاد ، عمان ، دار المسيرة .
-
الخطيب ، صالح (2009م) الإرشاد
النفسي في المدرسة : أسسه ونظرياته وتطبيقاته ، ط3 ، العين ، دار الكتاب
الجامعي .
-
الشناوي ، محمد نظريات
الإرشاد والعلاج النفسي ،القاهرة ، دار غريب .
-
علي ، مصطفى (2012 م) نظريات
الإرشاد والعلاج النفسي ، الرياض ، دار الزهراء .
-
ملحم ، سامي (2010 م) مبادئ التوجيه والإرشاد النفسي ، ط2 ،
عمان ، دار المسيرة .
تحياتي لك
ردحذفملخص جميل ومميز
لو سمحت مافي مراجع اجنبية تتحدث عن الموضوع
ردحذفشكر و تقدير على هذا المحتوى المفيد و المعلومات القيمة
ردحذف