رواية (رحلة إلى الشرق) للكاتب هيرمان هس
في عام 1956م والتي ذكر فيها قصة المسافرين الذين رافقهم خادم يقوم بأعمالٍ بسيطةٍ
لهم ، إضافة إلى شخصيته المرحة والجميلة ، وكلما ابتعد عنهم هذا الخادم تفككت
المجموعة ولم يستطيعوا إكمال مسيرتهم .
هذه القصة ألهمت روبرت جرينليف في عام 1970م إلى أن يكتب عن مفهوم القيادة بالخدمة والتي يراد منها أن يكون الأتباع محور اهتمام وتركيز القائد ، وأن القائد الخادم هو من يضع مصالح أتباعه أولاً ، حيث يهتم بهم ويمكنهم ويوفر لهم ما يحتاجونه من دعم ليساعدهم إلى الوصول إلى أعلى كفاءتهم ، وقد عرف جرينليف القيادة بالخدمة على أنها : ميلٌ فطري من قبل القائد للخدمة ، وأن القيادة توهب لشخص خادم بطبيعته فهو يهتم باتباعه ليصبحوا أكثر معرفةً واستقلالاً ، وأن يكونوا على الأغلب قادةً خداماً .
تتسم القيادة بالخدمة بعشر سمات أساسية وهي
كما يلي :
1)
الاستماع : وهي استماع القائد والتابع لبعضهما
البعض للوصول إلى درجة من التفاهم والشفافية فيما بينهما .
2)
التعاطف : وفيها يكون القائد متفهماً للآخرين
وظروفهم ومقدراً لها .
3)
الشفاء : النمو في شفاء الذات وشفاء الآخرين ،
والقدرة على معالجة المشكلات لدى الآخرين ليستكملوا ما ينقصهم .
4)
الوعي والإدراك : وهي القدرة على فهم الشخصية
والواقع بشكل صحيح كما هو على حقيقته .
5)
الإقناع : وهي القدرة على التأثير في الآخرين
واستمالتهم نحو هدف أو أمر ما .
6)
التصور الصحيح لطبيعة العمل : وتكمن في فهم ما
وراء الإجراءات والمتطلبات والعمليات والأنظمة .
7)
الرؤية الثاقبة للمستقبل : بالتنبؤ الصحيح المبني
على معطيات صحيحة وتطلعات حقيقية ممكنة الحدوث .
8)
الإشراف : وذلك بالمحافظة على المنظمة أو العمل
المناط به ومواردها واستخدامها لمصلحة المجتمع .
9)
الالتزام بتطوير الاتباع ورفع كفاءتهم المهنية
والشخصية .
10)
المسؤولية الاجتماعية وبناء مجتمع مترابط .
المشرف التربوي بطبيعة عمله هو شخصية
قيادية مسؤولة تهدف إلى الحصول على آلية عمل منظمة ومرتبة ، والمشرف بالخدمة هو
ذلك القائد الذي يهتم بمعلميه ويسعى إلى مساندتهم ودعمهم ورفع كفايتهم في ضوء
السمات السابقة ، كما أن المشرف التربوي هو خبير فني ، وظيفته الرئيسية مساعدة
المعلمين على النمو المهني ، وحل المشكلات التعليمية التي تواجههم ، بالإضافة إلي
تقديم الخدمات الفنية لتحسين أساليب التدريس ، وتوجيه العملية التربوية الوجهة الصحيحة
.
كثيراً ما يعاني المعلمون وغيرهم من شخصية
المشرف التقليدية والتي تمارس في غالب وقتها أساليب التحقق والتدقيق للعمل دون
المحاولة في تقديم العون والمؤازرة .
فإذا أراد المشرف النجاح فليعتبر أن
التقييم المقدم للمعلم هو تقييم لعمله الإشرافي وأن القصور في عمل المعلم هو قصور
في أدائه الإشرافي ، وقصور في الخدمات التي يجب أن يقدمها لمن يشرف عليهم ، وهذا
بطبيعة الحال سيدفعه ليس فقط إلى كشف مواطن القصور ، بل إلى العمل على معالجتها
واستكمالها وتحسين مستوى العلاقة بينه وبين المعلمين .
استشعار المعلم أنه والمشرف التربوي في
مركب واحد يعملان جميعاً للوصول إلى أفضل النتائج ، هو بلا شك أفضل من شعوره أنه
في مركبه وحيداً يطارد من مراكب المسؤولين عنه تدقيقاً وتحقيقاً مما يدفعه إلى
المراوغة او العناد والاستسلام .
انتقد الباحثون منهجية القيادة بالخدمة في صعوبة
تطبيقها وأنها مثالية نظراً لأنها تتطلب سلوكيات نموذجية من القائد و نوعية معينة
من الأتباع ، ولعل الفصل في هذه الأمر محاولة تجربة تطبيقها في مجالات إشرافية
معينة وتقييم تلك التجربة ليتم الحكم عليها من خلال مؤشرات حقيقية تتضح من خلالها
مخرجات التجربة وإمكانية الاستمرار عليها أو التوقف .
دمتم بود ..
أ . محمد علي النصار - مشرف التوجيه والإرشاد -
إدارة التعليم بمحافظة عنيزة .
m_a_nassar@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق