الاثنين، 29 مايو 2017

الوعظ بين الاقناع والتأثير وتحريك العواطف

يتناقل الناس عادة هذا الكلام : 
(كل سلوك وراءه مشاعر، وكل شعور وراءه أفكار)
فمحاولة تغيير السلوك مباشرة تأثيره قليل ومداه الزمني محدود ، أما تغيير الفكر والقناعات فتأثيره عميق ومداه طويل ،
ولذلك تأثير الوعظ ضعيف ومداه قصير ، لأن الوعظ يركز على تغيير السلوك وليس الفكر الذي أدى الى ذلك السلوك !!
ويمكن مناقشة هذا الكلام من خلال ما يلي :

الوعظ بالمفهوم المنتشر لدى الناس هو ما يمكن أن ينطبق عليه هذا الكلام حيث يعتقد الناس أنه محرك العواطف ويعدل السلوك الظاهر فقط ..

أما الوعظ بالمفهوم الشامل فلا ينطبق عليه هذا الأمر حيث يعد الوعظ تحريك وتنشيط لسلوك التأمل والتدبر والتفكر ، وحسابات الربح والخسارة في الدنيا والآخرة ، مما يكون سبباً في ترسيخ قيماً جديدة وإزاحة القديمة ، وتبني معتقد جديد والتخلص من آخر .
وكلما كان الإعداد له جيداً كلما كانت نتائجه أعمق وذات أثر جلي في الباطن والظاهر .
القرآن عند الدعوة إلى التأمل والتفكر والبحث عن الحقيقة استخدم مصطلح الوعظ :
(قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ..)

وفي تحديد الأساليب والوسائل المستخدمة لتعديل قيم ومعتقدات الناس يشير القرآن للوعظ كوسيلة وأسلوب :
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ..)

و يشير القرآن إلى أن مجموعة الأساليب والوسائل من كتاب وحكمة وغيرها هي للوعظ :
(واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به ..)

في اللغة :
الوَعْظ والعِظةُ والعَظةُ والمَوْعِظةُ : النُّصْح والتذْكير بالعَواقِب ؛ قال ابن سيده : هو تذكيرك للإِنسان بما يُلَيِّن قلبَه من ثواب وعِقاب .

وعليه : 
ربط التغيير للسلوك الظاهر بالوعظ هو إجحاف بحق الوعظ .
فتغيير السلوك الظاهر قد يحدث بأمور متعددة كالأمر المباشر بالفعل والترك دون ذكر السبب مثلاً ..
أو ربطها بمبررات واهية سرعان ما يكتشف الفرد عدم مصداقيتها ، وهلم جرا ..

الوعظ هو وسيلة من وسائل الإقناع والتأثير والتي متى استخدمت بالشكل الصحيح ساهمت في تغيير القيم والمعتقدات والتصورات والأفكار فيتغير السلوك تبعاً لذلك .

#وجهة_نظر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق