الخميس، 14 أبريل 2016

أطَّ الإرشاد وحُقَّ له أن يئط

الإرشاد هو عملية مخططة ومنظمة ، تهدف إلى مساعدة الطالب لكي يفهم ذاته ، ويعرف قدراته ، وينمي إمكاناته ، ويحل مشكلاته ، ليصل بذلك إلى تحقيق توافقه النفسي والاجتماعي والتربوي والمهني ، وإلى تحقيق أهدافه ،

وتتحقق هذه العملية المهمة عادة بمجموعة من الجهود والخدمات والبرامج ، والتي يقدمها المرشد في البيئة المدرسية بتعاونٍ وتكاتف من الجميع .
في الآونة الأخيرة ولله الحمد ، نرى تميزاً ملحوظاً في البرامج والمشاريع التي تقدمها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد ، كما أنها باتت تركز بشكل كبير على صلب العملية الإرشادية وتحقيق أهدافها ، لكننا في الواقع ذاته نعيش أيضاً تراكما كبيراً  لهذه البرامج والمشاريع ، فالمشاريع التي تحمل هدفاً متقارباً وفي بعض الأحيان هدفاً موحداً تجدها متناثرة ولم يتم البت في جعلها مشروعاً واحداً يُرشَّد فيه الجهد والوقت والكلفة .
بعض المسؤولين والقيادات في المنظمات والمؤسسات التربوية وغيرها ينتهج في العمل أسلوب العقلية البرامجية ، والتي تركز وتنطلق من تعدد البرامج وتنوعها ، وتبني لكل برنامج مجموعة من الأهداف تحقق رؤية البرنامج ورسالته ، بينما البعض منهم ينتهج في عمله أسلوب العقلية الهدفية ، والتي تركز وتنطلق من الأهداف والسياسات العامة للمنظمة ، وتضع لكل هدف مجموعة من البرامج والمشاريع التي تحققه .
الفرق بين نهج الفئتين واضح وجلي ، فستجد أن العقلية الهدفية دائماً ما تركز على تحقق الهدف والغاية الأساسية للمنظمة ، وقد تكتفي بالمشاريع والبرامج التي تحقق هذا الهدف دون الحاجة إلى الزخم والكم الهائل من البرامج التي تتشابه في مضمونها وفي غايتها ، بينما العقلية البرامجية تركيزها على الكم الهائل والتنوع في البرامج التي قد لا تحقق هدفاً واضحاً أو تغلب هدفاً على آخر أو قد تقضي على الأهداف الأساسية والتوجهات العظمى .
عادة ما نرى أن أصحاب العقلية البرامجية يهتمون بالإعلام كثيراً ، ونفسهم قصير في العمل ، ولا تكاد تكتمل برامجهم على الوجه المطلوب ، كون الغاية لديهم هو البرنامج أو المشروع بعينه ، أما أصحاب العقلية الهدفية فتحقق الهدف هو الأهم لديهم ، وتبقى الأمور الأخرى في حكم الأدوات المساندة وليست الهدف ذاته ، كما أنهم يتميزون بطول نفسهم في العمل وصبرهم إلى حين تحقق الهدف .
ولذا فيرد التساؤل هنا في ظل هذا الزخم الكبير ، والكم الهائل للبرامج الإرشادية التي تنوء بكاهل المرشد الطلابي في المدرسة  ، هل هي تسير في مجال تحقيق الهدف ، أو في مجال وجود البرنامج بحد ذاته فقط .
يا قومنا لقد أطَّ الإرشاد بكثرة البرامج والمشاريع ،  وحُقَّ له أن يئط .
دمتم بود ..

أ . محمد علي النصار
مشرف التوجيه والإرشاد
إدارة التعليم بمحافظة عنيزة .
m_a_nassar@hotmail.com

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله المدونة وصاحبها ، صرخة لعلها تجد صدىً واستجابة .

    ردحذف